عدد ركعات صلاة القيام في رمضان

صلاة القيام في رمضان: عدد الركعات وأحكامها

تُعتبر صلاة القيام من أهم العبادات التي يهتم بها المسلمون خلال شهر رمضان المبارك، فهي تمثل فرصة عظيمة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى وزيادة الرصيد الروحي. تعد صلاة القيام جزءاً أساسياً من العبادة في شهر رمضان، حيث يؤدي المسلمون هذه الصلاة في الليالي الأخيرة من الشهر الكريم، التي تتميز بالروحانية والسكينة. ولعل أبرز الأسئلة التي يطرحها المسلمون في هذا السياق يتعلق بعدد ركعات صلاة القيام وكيفية أدائها، إذ إن هناك اختلافات في المذاهب الفقهية وفي طرق إقامتها، لكنها جميعها تشترك في هدف واحد وهو تحقيق القرب من الله سبحانه وتعالى وطلب العفو والمغفرة.

1. تعريف صلاة القيام

صلاة القيام هي صلاة نافلة تُؤدى ليلاً في شهر رمضان، وهي تُؤدى بعد صلاة العشاء وقبل صلاة الفجر. سميت “قيام” لأن المسلم فيها يقوم للعبادة، والقيام هنا يشير إلى التعبد لله تعالى بالليل على هيئة ركعات متتالية. تهدف هذه الصلاة إلى تحقيق الطمأنينة والتقرب إلى الله، وتعد من السنن المندوبة التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم.

من السنة أن يصلي المسلم صلاة التراويح التي تعد جزءاً من صلاة القيام في رمضان، حيث يُشجع المسلمون على إحيائها بالقراءة والتسبيح والتهليل، كما تعتبر من العبادات التي يُضاعف فيها الأجر والثواب.

2. عدد ركعات صلاة القيام في رمضان

2.1. صلاة التراويح

يتساءل العديد من المسلمين عن عدد الركعات التي ينبغي أن يؤديها المسلم في صلاة القيام، وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن عدد الركعات في صلاة التراويح قد يختلف وفقاً للمذهب الفقهي، لكن القاعدة العامة التي يتفق عليها معظم الفقهاء هي أنه لا حدّ ثابت لعدد الركعات في صلاة التراويح. في العديد من المساجد، تُؤدى صلاة التراويح بعد صلاة العشاء بثماني ركعات، وذلك وفقاً لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “صَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي” (رواه البخاري).

2.2. الإختلاف بين المذاهب

• الحنفيّة: وفقاً للمذهب الحنفي، عدد ركعات صلاة التراويح في رمضان يُستحب أن يكون عشرين ركعة. ويستدل الفقهاء في هذا المذهب على ذلك بما ورد في أقوال الصحابة وخصوصاً من الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي أمر بإحياء صلاة التراويح عشرين ركعة في المسجد.

• المالكيّة: في المذهب المالكي، يتراوح عدد ركعات التراويح بين 8 إلى 20 ركعة، وهذا يعتمد على الإمامة وعلى طبيعة المسجد. ويشترط في صلاة التراويح أن تُؤدى جماعة، ويجوز أن تُصلَّى في أي وقت بعد صلاة العشاء.

• الشافعيّة: يُفضل الشافعية أيضاً أداء 20 ركعة في التراويح، وتُؤدى مع قيام الليل، ويجوز تقليل العدد، ولكن العدد الأكثر تفضيلاً عندهم هو 20.

• الحنابلة: في مذهب الحنبلة، يُفضل أيضاً أداء 20 ركعة في التراويح، ويُسمح بأداء الصلاة بعد صلاة العشاء حتى قبل الفجر.

2.3. صلاة التهجد

إلى جانب صلاة التراويح، هناك صلاة التهجد التي يكثر الناس من أدائها في العشر الأواخر من رمضان. صلاة التهجد هي صلاة قيام الليل التي يؤديها المسلم بعد نومه في آخر الليل، ويشمل ذلك قراءة القرآن والدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى. يفضل العديد من المسلمين أداء صلاة التهجد بعد الوتر، وقد يُؤدى فيها ركعات متفرقة قد تصل إلى 11 أو 13 ركعة، ويمكن أن تكون أكثر من ذلك حسبما يراه المصلي.

3. كيفية أداء صلاة القيام في رمضان

تُؤدى صلاة التراويح بشكل جماعي في المساجد، في حين يمكن أداء صلاة التهجد بشكل فردي أو جماعي، حسب رغبة الشخص. ومع بداية صلاة التراويح، يُسن للمسلمين أن يقرأوا من القرآن الكريم، وفي العادة يكون هناك قراءة للقرآن بشكل متواصل طوال شهر رمضان، حتى يختم القرآن الكريم بنهاية الشهر. ويُفضل قراءة جزء من القرآن في كل ليلة.

1. الركعة الأولى: تبدأ بصلاة ركعة واحدة، ثم يُنهي المسلم القراءة بالتسبيح والدعاء.

2. الركعة الثانية: يستمر المصلي في تلاوة القرآن الكريم، ويُصلّي ركعة ثانية، ويفضل أن يتنقل بين القراءة والدعاء في كل ركعة.

3. الوتيرة: يُؤدى المسلم في الصلاة التراويح عادة بعدد معين من الركعات، غالباً ما يكون 8 أو 20، حسب المذهب المتبع.

4. فضل صلاة القيام في رمضان

صلاة القيام في رمضان لها فضل كبير في الشريعة الإسلامية، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي تبيّن عظمة هذا العمل وأجره العظيم. من أشهر هذه الأحاديث ما رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه.”

إضافة إلى ذلك، فإن قيام الليل في رمضان يعتبر بمثابة فرصة عظيمة للتوبة والرجوع إلى الله، حيث يُسهم في تطهير القلوب من المعاصي والذنوب. وقد ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: “إِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ يُقَرِّبُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى اللَّهِ”، مما يدل على فضيلة قيام الليل بشكل عام في جميع الأوقات، وبالأخص في شهر رمضان المبارك.

5. صلاة التراويح في المسجد أم في المنزل؟

يجدر بالمسلمين أن يحرصوا على أداء صلاة التراويح في المسجد بشكل جماعي، فقد ورد في الحديث النبوي الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: “من صلّى مع الإمام حتى ينصرف، كُتب له قيام ليلة”. إلا أن هناك بعض الظروف التي قد تمنع البعض من أداء الصلاة في المسجد، مثل المرض أو السفر أو غيرها من الأسباب، وفي هذه الحالات يمكن للمسلم أداء الصلاة في المنزل، وسيظل له الأجر والثواب.

6. صلاة القيام في العشر الأواخر من رمضان

تزداد أهمية صلاة القيام في العشر الأواخر من رمضان، خاصة في الليالي الوترية، حيث يحرص المسلمون على قيام الليل بشكل مكثف في هذه الأيام المباركة. وقد ورد في الحديث النبوي الشريف: “تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان”. ومن المعروف أن ليلة القدر تأتي في إحدى الليالي الوترية من العشر الأواخر، ولهذا تكتسب هذه الليالي أهمية خاصة من حيث الصلاة والدعاء.

7. الختام

صلاة القيام في رمضان هي أحد أعظم الوسائل التي يمكن للمسلم من خلالها الاقتراب من الله سبحانه وتعالى، وتعزيز تقواه وطاعته في هذا الشهر الفضيل. إن التزام المسلم بعدد الركعات المحددة وفقاً لما يناسبه من المذهب الفقهي، مع التأكد من استمراريته في الصلاة والدعاء والتهجد، سيظل له أجر عظيم من الله تعالى. ومن الجدير بالذكر أن أي عبادة يُؤدى فيها إخلاص لله تعالى سيظل لها مكانة عظيمة، خاصة إذا توافرت فيها النية الطيبة والرغبة في التقرب إلى الله سبحانه وتعالى.